”ترحال” ينطلق في الدرعية.. حكاية وطن تُروى على مسرح استعراضي

انطلقت مساء اليوم أولى عروض النسخة الثانية من العرض الأدائي "ترحال"، الذي يُعدّ بمثابة رحلة فنية استثنائية تُنظِّمها وزارة الثقافة في موقع "ميادين" بمحافظة الدرعية.
ويستمر هذا الحدث الثقافي البارز حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري، حيث شهدت الأمسية الأولى حضورًا جماهيريًا لافتًا وتفاعلًا واسعًا مع اللوحات الفنية التي جسّدت حكاية وطن بأسلوب بصري وموسيقي حي، مما يؤكد على مكانته كأحد أهم العروض الفنية الوطنية.
هوية سعودية وقصة ملهمة
ووفقًا لما أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس)، يُعدّ "ترحال" أول عرض أدائي سعودي من نوعه، يجمع بين عناصر الطبيعة الخلابة في المملكة والتقنيات المسرحية الحديثة. ويقدم العرض، بأسلوبه المبتكر، استعراضًا فنيًا يستلهم مكونات التراث الوطني ويغوص في عمق الهوية السعودية، وذلك من خلال قصة مشوقة ومحفزة.
تدور أحداث العرض حول شخصية "سعد"، الشاب السعودي الذي ينطلق في رحلة عبر مناطق المملكة المتنوعة. يبحث "سعد" في هذه الرحلة عن ذاته وماضيه، محاولًا في الوقت نفسه استكشاف مستقبل يصنعه بيديه، متسلحًا بإرث الأجداد وحاملًا شغف الطموح الذي يميز شباب الوطن، ما يجعل من قصته رمزًا لكل شاب سعودي يسعى لتحقيق أحلامه.
تكامل فني وتقني متطور
استوحى العرض مشاهده من المناظر الطبيعية الخلابة في المملكة، مثل الصحاري الشاسعة والجبال الشاهقة، ودمجها ببراعة مع تقنيات ضوئية وبصرية معاصرة. وقد أثمر هذا الدمج عن تجربة بصرية فريدة تأسر الألباب.
ولم يقتصر الإبداع على التقنيات البصرية فحسب، بل تضمن العرض لوحات فنية مستلهمة من التراث الموسيقي والفنون الأدائية، إضافة إلى الحرف اليدوية والأزياء التقليدية وفنون الطهي الأصيلة. هذا المزيج المتناغم من الفنون يعكس ثراء وتنوع الثقافة السعودية، ويقدمها في قالب جديد ومبتكر.
تفاعل حسي وأداء استعراضي
وقد شمل العرض محتوى فنيًا بصريًا تفاعليًا وإسقاطات ضوئية تعكس ثراء الثقافة السعودية، بالإضافة إلى تأثيرات حسية وصوتية عززت من تجربة الجمهور. كما تضمن عروضًا بهلوانية مشوقة، أقيمت على خشبة المسرح وفي الهواء، على أنغام صهيل الخيل التي أضفت لمسة من الأصالة والقوة.
ولإكمال المشهد، استخدم العرض مجسمات تراثية تجسد الطبيعة السعودية، مما منح الجمهور شعورًا بالانغماس الكامل في أجواء العرض. هذه التفاصيل الدقيقة والمتقنة تؤكد على الجهد الكبير المبذول لتقديم تجربة فنية متكاملة وفريدة من نوعها.
بناءً على نجاح النسخة الأولى
تأتي النسخة الثانية من "ترحال" استكمالًا للنجاح الجماهيري والفني الذي حققته النسخة الأولى في عام 2023. وقد عُرضت النسخة الأولى آنذاك بوصفها نقلة نوعية في العروض المسرحية الوطنية، من حيث الأسلوب الإبداعي والمحتوى الثقافي والتكامل البصري بين الأداء المسرحي والتقنية، ما أسس لمكانة العرض الحالية.
ويشكل هذا النجاح المتواصل دليلاً على قدرة المواهب السعودية على تقديم أعمال فنية بمواصفات عالمية، قادرة على جذب انتباه الجمهور المحلي والدولي. كما يعكس الاهتمام المتزايد بالمسرح كأداة للتعبير عن الهوية الثقافية والتراث الوطني.
رؤية ثقافية ومواهب وطنية
وتسعى وزارة الثقافة من خلال عرض "ترحال" إلى تقديم تجربة فنية استثنائية تمنح الجمهور متعة جمالية غامرة. ويأتي هذا العرض المسرحي السعودي بمواصفات عالمية، بمشاركة مواهب سعودية بارزة إلى جانب نجوم دوليين متخصصين في هذا النوع من المسرح الاستعراضي، ما يعزز من تبادل الخبرات ورفع مستوى الأداء الفني.
ويُعتبر هذا العمل جزءًا من جهود الوزارة لتوفير خيارات فنية وإبداعية مرموقة للجمهور المحلي، بما يعزز مكانة المملكة كوجهة ثقافية فريدة على الصعيد الإقليمي والدولي. كما يسهم في تطوير القطاع الثقافي، وتنمية مساهمته في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في جوانبها الثقافية، ما يؤكد على أهمية الفن في مسيرة التنمية الشاملة.